في جنح الليل كأني بك سيدي تقلب طرفك في سماء الكوفه لتزداد يقيناً بأنها هي الليلة الموعودة ,تلك
الليلة التي كنت بأنتظارها منذ أمد بعيد ...نعم ما زاد تفحصك بالنظر اليها إلا إيماناً بأن الخاتمة أقتربت
وأن ما وعدك به سيد الخلق صدقاً وحقاً....فترجع الى محرابك الذي طالما زهى بنورك الملائكي لتتلو
آيات من الذكر الحكيم وكأنك مررت بقوله تعالى "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى
نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "
فجلست سيدي منتظراً الآتي وما تحمله ساعات ما تبقى من الليل ...تمرالدقائق....تتعاقب اللحضات....
والكون كل الكون يترقب خطر محدق بآفاقه..عزف البدرعن الظهور , تلاشت أنوار النجوم , ازداد الليل
ظلمة فوق ظلامه....لُيعلن بعدها أن حان الوقت ..قُم يا علي وأشدد حيازيمك لما كُتب لك...قُم وتأهب
لسيف غادر أوشكت السماء ان تنطبق على الأرض فزعاً من هول خيانته وعظيم جرمه......قٌم يا علي
فقد آن الآوان لرحيلك من هذه ألدنيا...وها أنت سيدي تستجيب لأمر السماء ..وتتهيأ دون أدنى خوف أو
وجل...فما أعظمك يا مولاي وأنت تسير برجليك الى أمر أنت تعلم عاقبته, وتتقدم على عجل نحو قدر
محتوم....تتسارع خطاك لتلبية ما تُختم به أيامك ...كأنها خطوات أسير قد أُفرج عنه واُطلق سراحه بعد
طول عناء..نعم يا سيدي كنت أسير هذه ألدنيا التي لم تنصفك حقاً ولم تُقم لكَ قدراً أنت فوق من أن تكون
أهلاً له.....تسرع الخُطى نحو سيف المرادي وكأنه بوابة الخلاص من هذا العالم الذي ملأ قلبك قيحا
لتطل بعدها الى عالم ملكوتيٍ....عالم القدسية والكمال...عالم تزينت به الحور والولدان بأبهى الحلل,
تزاحمت به الملائكة ً وأصطفت به مواكب انبياء الله ورسله متهيئة ً لأستقبالك ...رحلت يا سيدي وخلفت
أطواد حزن راسية في قلوب محبيك ..رحلت يا سيدي وخلفت قرآن ينعاك وعدل يرثيك وأنصاف يتحسر
الى يوم الحساب
فسلام الله عليك أبى الأيتام يوم ولدت في بيت الله ويوم كنت شهيد عدالتك ويوم تبعث حيا عند حكيم مقتدر